استحوازالمؤسسات الخارجية على الشركات المقيدة فى البورصة
كتب \مروان محمد ماجد
شهدت السوق المصرية خلال الفترة الأخيرة وتحديدًا منذ الانخفاض الأخير لقيمة العملة المحلية مجموعة من صفقات الاستحواذ، كان على رأسها الإعلان الفورى لصندوق “أبو ظبى السيادى” بضخ استثمارات بقيمة 2 مليار دولار فى عدة شركات مقيدة.
وجاء قرار الصندوق مباشرة عقب إعلان البنك المركزى المصرى برفع سعر الفائدة، والحدث الذى تلاهُ حينها بانخفاض حوالى %20 من قيمة العملة المحلية، وبالفعل بدأ الصندوق الأسبوع الماضى فى تنفيذ صفقات شراء مكثفة فى مجموعة من أبرز الأسهم المصرية بما يعادل 1.8 مليار دولار.
وأعلنت البورصة المصرية منذ أيام عن تنفيذ عدة صفقات استحواذ من خلال آلية الصفقات ذات الحجم الكبير (BLOCK TRADING) على أسهم البنك التجارى الدولى – مصر وأبو قير للأسمدة وموبكو للأسمدة والإسكندرية لتداول الحاويات وشركة فورى للمدفوعات الإلكترونية.
وسبقها الإعلان من جانب الهيئة العامة للرقابة المالية أن شركة (Expedition Investment) أخطرتها بنيتها فى تقديم عرض شراء غير ملزم على %90 من أسهم شركة “الصناعات الغذائية العربية دومتى”، بسعر مبدئى 5 جنيهات للسهم.
وعلى جانب آخر، فقد وافقت “بى إنفستمنتس القابضة” مؤخرًا على عرض الشراء الملزم المقدم من شركة “سلوشنز” للاستحواذ على %89.5 من أسهم “جيزة سيستمز”، والتى تمتلك حصة غير مباشرة بها بواقع %44.7.
وقرر البنك المركزى المصرى مؤخرًا فى اجتماع استثنائى رفع معدل الفائدة بغرض احتواء معدلات التضخم المتصاعدة بواقع %1 فيما يشهد سعر الدولار أمام الجنيه حركة متذبذبة بالوقت الحالي.
بداية، قال كريم هلال المدير الإقليمى لمجموعة “كوليرز إنترناشيونال”، إن أسعار الشركات المقيدة فى البورصة المصرية وصلت لحدود مغرية خلال الفترات الماضية حتى من قبل انخفاض قيمة الجنيه.
وأضاف هلال أنه دائما ما تتجه أنظار المؤسسات الخارجية بالدخول فى الأسواق الناشئة فى فترات هدوء أسعارها ورخص الأصول، كمحاولات لاقتناص الفرص المغرية.
وأوضح هلال أن السوق شهدت مجموعة من الصفقات أبزرها صفقة شركة دومتى الأخيرة، لافتا إلى أن الأسعار الحالية التى تتداول بها الشركات المغرية لا تعبر عن قيمها الحقيقية، وإنما نتجت عن أوضاع سوق متذبذبة.
وأشار إلى أن أسعار الأسهم المصرية انخفضت مؤخرًا بنحو %20 أو أكثر بضغط من تراجع قيمة العملة، بخلاف التراجعات السعرية التى تشهدها جراء وضع السوق، موضحًا أن هذا سيُزيد صفقات الاستحواذ الفترة المقبلة.
وتوقع أن تتوالى صفقات الاستحواذ على الشركات المصرية خلال الفترة المقبلة، خاصة التى تعمل بالقطاعات الدفاعية بأنشطتها المختلفة كالاستهلاكى والتعليم وغيرها، إلى جانب شريحة الشركات المُصدرة، موضحًا أن تواليها هو مؤشر جيد للسوق المحلية، ويُمثل تدفقا واضحا للعملة الأجنبية، خاصة فى ظل الظروف الحالية.
وقال إن انخفاض قيمة الأصول قد ينتج عنهُ تضررا لبعض المساهمين حال إتمام صفقات الاستحواذ، ولكن هى مجرد تعبير عن وضع السوق.
وأضاف أنه رغم أن أسعار الأسهم أصبحت مغرية بشكل كبير وجاذبة للاستثمار، إلا أن وضع البورصة المصرية لا زال يعانى ضعف السيولة وهدوء حركة التداول.
وقال إيهاب رشاد، رئيس مجلس الإدارة بشركة “مباشر كابيتال هولدنج”، إن السوق المصرية تتسم دائمًا بانخفاض مضاعفات ربحية أسهمها، مقارنة بباقى الأسواق الناشئة، وهذا بشكل عام بعيدًا عن الانخفاض الأخير الذى شهدتهُ العملة المحلية.
وأضاف أن الانخفاض الأخير فى قيمة الجنيه المصرى سيُزيد من شهية المستثمرين الخارجين للاستحواذ على كيانات محلية، لافتا إلى أن إعلان بعض الجهات السيادية الخارجية دخولها للسوق المصرية فى هذا الوقت، يُعد رسالة طمأنينة للغير، ومقدمة لمزيد من الاستثمارات الخارجية للاستفادة من رخص سعر الأصول المحلية.
وأوضح أن القطاعات المستهدفة ستكون الدفاعية على وجه الخصوص وبشكل عام الشركات الكبيرة أيا كان نشاطها، مضيفًا أن هذه الصفقات تُعد إضافة جيدة للسوق المصرية، ودخول لأموال جديدة.
وقال محمد حسن، العضو المنتدب بشركة “بلوم مصر لتداول الأوراق المالية”، إن صفقات الاستحواذ على كبرى الشركات المقيدة فى البورصة المصرية تحمل شقين أحدهما إيجابى والآخر سلبي.
وأضاف أن الشق الإيجابى يتمثل فى دخول استثمارات للسوق المصرية، خاصة أن هذه الاستثمارات طويلة الأجل ويترتب عليها ضخ المزيد من الأموال فى خطط التوسع وغيرها، إلى جانب زيادة سيولة السوق.
وأوضح أن الشق السلبى هو أن إتمام صفقات الاستحواذ قد يعرض الشركات للشطب من سوق الأسهم، وبالتالى قد يدفع الحكومة المصرية لمواصلة تشجيع الشركات بغرض القيد فى السوق وتسريع البرنامج الخاص بها، فعلى سبيل المثال، إتمام صفقة “دومتي” قد يُعرض الشركة لعمليات الشطب من البورصة المصرية، وهى واحدة من أكبر الكيانات المقيدة بمجال الصناعات الغذائية.
وأشار إلى أن المستثمر الخارجى بدخولهُ فى الشركات المصرية المقيدة خلال الوقت الحالى، يحقق استفادتين الأولى جراء انخفاض قيمة العملة، والأخرى خاصة بتراجع سعر الورقة المالية ذاتها نتيجة وضع السوق.
وتوقع حسن مزيدا من صفقات الاندماج والاستحواذ فى السوق المصرية بدعم انخفاض سعر العملة، لافتا إلى أن قطاعى الأغذية والعقارات أكثر القطاعات تعرضًا للصفقات.
من جانبها، قالت وحدة البحوث بشركة برايم القابضة للاستثمارات المالية، إن التقييمات المنخفضة بشكل واضح للأسهم المصرية سواء نتيجة وضع السوق أو انخفاض قيمة العملة بمثابة تربة خصبة لنمو عمليات الاندماج والاستحواذ على الكيانات من جانب المؤسسات الخارجية.
وأوضحت أن صفقات الاندماج والاستحواذ التى يتم الإعلان عنها فى السوق ستكون داعمًا رئيسيًا لتحركات أسهم البورصة المصرية خلال النصف الأول من العام.
وأضافت أن التجارة حاليًا فى السوق أصبحت قائمة على الصفقات، موضحةً أنهُ على سبيل المثال، فقد أدى عرض بنك أبوظبى الأول للاستحواذ على المجموعة المالية هيرميس القابضة إلى ارتفاع سعر السهم.
وأوضحت “برايم” أنهُ من الأمثلة الأخرى على ذلك شركة دومتى التى شهدت ارتفاعا فى سعر سهمها نتيجة عرض آخر، وثالثًا هو تخارج بى إنفستمنتس من جيزة سيستمز، لتقوم بتسييل استثماراتها المباشرة.
وتعتقد “برايم” أن أداء الأسهم المصرية سوف يظل مدفوعا بالأحداث طيلة بقية النصف الأول 2022، سواء كانت عمليات اندماجات واستحواذات أو عمليات شراء أسهم خزينة.
وعلى صعيد سعر العرض المقدم على شركة “دومتي” مؤخرًا، قالت إن هذا التقييم لا يُعد عادلاً فى ضوء توقعات النمو القوية للشركة بكافة أنشطتها، معتقدة أن العرض سيكون مقبولاً على نطاق واسع من منظور السوق، ولكن يمكن رفع سعره.
من جانبها قالت وحدة بحوث شركة “نعيم القابضة”، إن الأسهم المصرية تشهد اهتماما إقليميا كبيرا خلال الفترات الماضية، ما جعل صفقة “دمتي” التى أُعلن عنها مؤخرًا متوقعة.
ولفتت إلى أن العرض الأخير الذى تم تقديمهُ على شركة “دومتي” جاء منخفضًا نظرًا للخصم الكبير الذى يتم على أساسه تداول السهم فى البورصة المصرية وسط ظروف السوق غير المواتية.
وأشارت إلى أن سعر العرض تضمن خصمًا كبيرًا لمضاعفات الأغذية والمشروبات الطبيعية فى الأسواق الناشئة، وأيضًا خصم بالمقارنة مع صفقات الاستحواذ والاندماج التى تمت مؤخرًا فى السوق المحلية، فيما اعتبرتهُ انعكاسا عادلا للبيع المفرط فى البورصة المصرية.
وتجدر الإشارة إلى أن السوق المصرية كانت قد شهدت الإعلان عن مجموعة من صفقات الاستحواذ حتى من قبل الانخفاض الذى شهدهُ الجنيه المصرى مؤخرًا.
وعلى رأسها الإعلان عن تقدم بنك أبوظبى الأول بعرض استحواذ على المجموعة المالية هيرميس بنك الاستثمار الأكبر فى مصر والمنطقة – والذى قام بسحبِه مؤخرًا وبرر ذلك حينها بسوء الأوضاع على الصعيد العالمي.