حدث في مثل هذا اليوم

امريكا شيكا بيكا وضفادع وعقارب

 

 

 

سحر الشريف

فى مثل هذه الأيام من ديسمبر1925 ، عقدت كل من بريطانيا وفرنسا وبلجيكا مع ألمانيا وإيطاليا “ميثاق لوكارنو”، عبر توقيع سلسلة من الاتفاقات فيما بينهم.. لضمان السلام فى غرب أوروبا، لكن لم تمض سوى أعوام إلا وشنّت ألمانيا (النازية) وإيطاليا (الفاشية) الحرب العالمية الثانية 1939، مستهدفة ضمنًا أطراف “ميثاق لوكارنو”، لينطبق عليهم المثل الدارج عن الضفدع الذى لدغه العقرب بعد أن عبَر به النهر لإنقاذه من الغرق فى المياه التى غمرتهما “معًا” نحو القاع، الأمر الذى قد يعيد إلى الذاكرة كتابًا لرئيسة التليفزيون الأميركى «ABC» دورين كيز فى القاهرة عنونته “ضفادع وعقارب”، تسرد من خلاله فترة

 

تغطيتها الإعلامية لكل من محادثات كامب ديفيد سبتمبر 1978، واغتيال الرئيس السادات أكتوبر 1981، كحدثين مرتبطان فى مقدراتهما ونتائجهما، من حيث استقالة وزير الخارجية “إبراهيم كامل” رافضًا التوقيع على إطاري اتفاق كامب ديفيد الذى استكملها “أسامة الباز”، ما دفع الإعلامية الأميركية، بحسب ما جاء فى كتابها، إلى لومه أثناء عودتهما بالطائرة للقاهرة..

 

بقولها “هل ستستطيع بعدئذ النوم ليلًا؟”، وإذ ما هى غير شهور قليلة من توقيع اتفاقية السلام 1979 إلا وراوغت إسرائيل إزاء تطبيقاتها- ما أنهك الرئيس المصرى عصبيًّا، ولينعكس ذلك بالسلب على علاقته مع معارضيه، قبل أن يعتقل منهم نحو 1500 شخصية فى سبتمبر 1981 قبل شهر من اغتياله المأساوي، وحيث حاولت “كيز” استباق نبأ الحصول على مصير الرئيس، وإذاعته عالميًّا، عن طريق غير مباشر لصديق مشترك مع مدير المكتب الصحفى للرئيس السادات، الذى وصفته لرئاستها فى نيويورك بأنه شخص جرّب عليه الجدية والصدق والشرف، وفق ما جاء بالكتاب، ولتمضي إسرائيل من بعد، ولعقود

تالية في استئناف مراوغاتها للسلام الشامل إلا بشروطها من مركز القوة، بحيث بات من غير المستبعد أن ينطبق على سلسلة الاتفاقيات المنعقدة على مستوى القمة بين دول عربية وإسرائيل، ما قد يماثل ما جرى بالنسبة لمصير اتفاقات “ميثاق لوكارنو” قبل ثمانية عقود، والذى نقضته النازية الألمانية كما قد تنكص عنها بالمثل العنصرية الإسرائيلية، ولتتكرر قصة العقرب والضفدع التى يطيب للباحثين الغربيين استخدامها للتعبير عن أوضاع الشرق الأوسط، خاصة فى الفترة الحالية المتسمة بالتحول من عداءات إلى صداقات ليست دائمة إلا لو كانت المصالح الظرفية بمثابة العامل الحاكم لمفاهيمها

 

 

البراجماتية.. وهي المرتبطة بحالة الإجهاد الناتجة عن سموم التنافس الإقليمى بين الجارات غير العربيات، وما يكتنفها من تحديات اقتصادية، لأسباب داخلية وخارجية، فضلًا عن التغيرات الطارئة على السياسة الخارجية الأميركية.. وفى علاقتها بأطراف النظام الدولى الغارق فى حالة من السيولة لا تتناسب مع اتفاقات زائفة للصراع مع إسرائيل، لا تنبع من الجذور، إنما هي أقرب إلى لدغات العقارب للضفادع، كلاهما غارق

.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى