وزير المالية.. فى افتتاح المؤتمر العربي للتقاعد والتأمينات الاجتماعية بشرم الشيخ
كتب احمد عمر
أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية، أن مصر استطاعت، بقيادتها السياسية الحكيمة، أن تصنع إنجازًا تاريخيًا يُجسد تجربة رائدة فى إصلاح نظام المعاشات والتأمينات الاجتماعية،
ضمن مسيرة البناء والتنمية التى تُمهد لجمهورية جديدة ترتكز على توفير الحياة الكريمة، لكل المواطنين، خاصة أهالينا من كبار السن؛ وذلك رغم كل التحديات الاقتصادية العالمية بدءًا من أزمة الأسواق الناشئة، ثم جائحة كورونا، التى تشابكت مع تداعياتها الآثار السلبية القاسية للحرب فى أوروبا، وما ترتب على ذلك من موجة تضخمية حادة، وارتفاع غير مسبوق فى أسعار السلع الأساسية كالقمح والمواد البترولية والخدمات أيضًا، وما تفرضه من ضغوط على موازنات مختلف الدول، خاصة الاقتصادات الناشئة.
أضاف الوزير، خلال افتتاحه المؤتمر العربي السادس للتقاعد والتأمينات الاجتماعية الذى يعقد تحت شعار: «آفاق أنظمة التقاعد العربية للعام ٢٠٥٠ – التغيير والفرص» بمدينة شرم الشيخ بحضور الدكتورة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي، واللواء خالد فودة محافظ جنوب سيناء، واللواء جمال عوض رئيس الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، والدكتور فخري الفقى رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن تواتر الأزمات الدولية على هذا النحو بالغ التأثير السلبي، فى أداء الاقتصاد العالمي، بما يقتضيه من التوسع فى مد مظلة الحماية الاجتماعية، يُعظِّم الرؤية الثاقبة للدولة، فى اقتحام ملف المعاشات والتأمينات الاجتماعية، الذى تراكمت تعقيداته لأكثر من ٥٠ عامًا، حيث عكفت الحكومة على إصلاح هذه المنظومة بمفهوم شامل ومتكامل، تبلور فى إصدار قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات رقم ١٤٨ لسنة ٢٠١٩، الذى يُعد مظلة تأمينية موحدة لجميع فئات المؤمن عليهم، تشمل ذات الأخطار المغطاة من قبل، فى قوانين كانت متعددة بتعدد فئات المؤمن عليهم، وبنسب مختلفة من الاشتراكات والمزايا، على نحو أسهم في تعقيد النظام، والحاجة إلي المزيد من الشفافية في التعامل مع أصحاب المعاشات والمؤمن عليهم.
أوضح الوزير، أن هذا القانون أسهم في حل الغالبية العظمي من المشكلات التى كان يعانيها نظام المعاشات والتأمينات الاجتماعية لأكثر من ٥٠ عامًا بتوقيع اتفاقية فض التشابكات المالية بين وزارة المالية ونظام المعاشات، الذى يساعد فى توفير الملاءة المالية القوية لهذا النظام حاليًا ومستقبلاً؛ من أجل استدامة القدرة على الوفاء بكامل الالتزامات المستقبلية نحو أصحاب المعاشات والمستحقين عنهم والمؤمن عليهم، وتحسين أوضاعهم المعيشية، مشيرًا إلى أن الخزانة العامة للدولة سوف تسدد نحو ٤٥ تريليون جنيه للهيئة القومية للتأمينات والمعاشات على مدار ٥٠ عامًا حتي ٢٠٦٨، وقد تم بالفعل تحويل أكثر من ٥٥٨ مليار جنيه لصناديق المعاشات خلال ٣٩ شهرًا منذ عام ٢٠١٩، ومن المقرر أن تُسدد الخزانة العامة للدولة خلال العام المالي الحالي فقط ١٩١ مليار جنيه حيث تم تعديل المعدل السنوي لنمو قسط فض التشابكات بنسبة ٥,٩٪ بدلاً من ٥,٧٪؛ وذلك لاستيعاب بعض الإجراءات الإضافية المتخذة عام ٢٠٢٠ لتحسين الأوضاع المعيشية لأصحاب المعاشات؛ رغم الظروف الاستثنائية التى يشهدها الاقتصاد العالمي، وتلقى بظلالها على مختلف الدول بما فيها مصر، والتى لن تُثنى الدولة عن الوفاء بالتزاماتها نحو أصحاب المعاشات، والعمل علي تحسين أحوالهم المعيشية.
قال الوزير، إن اتفاق فض التشابكات يحقق آثارًا إيجابية على الاقتصاد المصرى ككل؛ إذ أن الفائض المتاح للسيولة بالصناديق سيتم ضخه فى مجالات استثمارية ذات عائد مرتفع؛ بما سيحول هيئة التأمينات إلى مستثمر مؤسسى له وزن كبير فى الاقتصاد المصرى كصناديق الاستثمار فى مختلف دول العالم، موضحًا أن هذه التشابكات المالية كانت تؤثر بشكل كبير على سيولة النظام وتضع – لعدة سنوات – عبئًا ماليًا ضخمًا ومتناميًا على الخزانة العامة للدولة، يتزايد بشكل مضطرد سنويًا لم يكن يؤثر فقط على قدرتنا على تمويل المشروعات القومية والاجتماعية، بما فيها مشروعات البنية التحتية، بل كان يؤثر أيضًا على التصنيف الائتماني لمصر لأنه كان يُزيد بنسبة كبيرة من حجم الدين المحلي.
أكد الوزير، أن التجربة المصرية فى إصلاح نظام المعاشات ارتكزت علي عدد من الافتراضات والأسس المتحوطة التي سمحت بتخفيض اشتراكات المؤمن عليهم ووضع آليات لزيادة المعاشات سنويًا بمعدل التضخم، وتحقيق التوازن بين الأجور الحقيقية التي كان يتقاضاها المؤمن عليهم خلال فترة عملهم قبل التقاعد مقارنة بالمعاشات المنصرفة لهم بعد التقاعد، إضافة إلى معالجة مشكلة التهرب التأميني كليًا أو جزئيًا، مشيرًا إلى أن قيمة المعاشات التي يستفيد منها ١٠,٥ مليون مواطن، ارتفعت بنحو ٧٠٪ خلال الفترة من ٢٠١٨ حتى ٢٠٢٢
أوضح الوزير، أن استضافة مصر للمؤتمر العربي السنوي السادس للتقاعد والتأمينات الاجتماعية، بمدينة شرم الشيخ؛ تأتى ترسيخًا لحرصنا على رعاية ودعم هذا التجمع الإقليمي الثرى الذى يُوفر فرصًا كبيرة للتواصل الإيجابي، وتبادل الخبرات والتجارب بين عدد كبير من ممثلي القطاعات المختصة بالتأمين الاجتماعي وصناديق التقاعد والادخار الخاصة والاستثمار والخدمات المالية المعنية بالادخار التقاعدي، ومدراء الاستثمار والخبراء الاكتواريين، ومحللي المخاطر وأمناء صناديق التقاعد ومقدمي التكنولوجيا الرقمية لأنظمة التقاعد.. نلتقى جميعًا.. معًا نتشارك الأفكار والرؤى، من أجل الإسهام فى بناء غد أفضل لمن أفنوا حياتهم فى خدمة أوطانهم، وأداء واجباتهم الوظيفية بمنتهى الإخلاص.
قال الوزير،: نتطلع إلى خلق المزيد من الوعي المؤسسي والاجتماعي والاقتصادي حول إدارة أنظمة التقاعد بمختلف أنماطها، وبنيتها التحتية، وسبل تعزيز خدماتها واستدامتها، آملين أن تسهم هذه الفعالية الإقليمية الحيوية فى تعزيز المعرفة بالجوانب الاقتصادية والاستثمارية لصناديق التقاعد العامة والخاصة وجميع أنواع الادخار التقاعدي، وأفضل الممارسات العالمية في هذا المجال، والفرص الكبيرة التي تتيحها، وكيفية النهوض بخدماتها مستقبلاً.
أكد إبراهيم خليل إبراهيم، الرئيس التنفيذي للشركة البحرينية لتكنولوجيا الادخار والتقاعد «فينتك روبوز»، رئيس المؤتمر العربي السادس للتقاعد والتأمينات الاجتماعية، أن هذا الموتمر المهم يُعد بمثابة منصة تجمع كل الخبراء والمتخصصين من مؤسسات وشركات وصناديق عاملة بمجال التأمينات والمعاشات لنشر الوعي لنشر الوعي حول مستقبل وديناميكيات نظم المعاشات التقاعدية بالوطن العربي، والهياكل والبنية التحتية والقضايا المرتبطة بها، التي تؤثر على الملاءة المالية واستدامة أنظمة المعاشات التقاعدية العامة والخاصة، إضافة إلى مناقشة المكونات الحيوية لبناء «إطار عمل طويل الأجل» للتأمينات الاجتماعية والمعاشات والأمن التقاعدي بالوطن العربي، في الوقت الذي يواجه فيه العالم «مفترق طرق» على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، وبحث الآليات المختلفة لربط أنظمة التقاعد بإدارة الموارد البشرية.
أضاف أن المؤتمر يمتلك أجندة ثرية لعدد من الموضوعات ويُعد حلقة للتواصل وتطوير الأعمال وتبادل الخبرات بشأن القضايا المطروحة على الساحة ومنها: الضغوط التى تشهدها موازنات الدول العربية من عجز متزايد في مستويات تمويل أنظمة التقاعد خلال العقدين الماضيين، وسياسات الحماية الاجتماعية، وإصلاحات صناديق التقاعد، والاتجاهات الديموجرافية وتأثير الشيخوخة، وتوسيع التغطية التأمينية بين الشرائح السكانية، ونمذجة المعاشات التقاعدية، والافتراضات الاكتوارية، واستراتيجيات الاستثمار، وأطر تمويل واستدامة أنظمة التقاعد أثناء الأزمات، فضلاً على تزويد المشاركين بالمعرفة وتجهيزهم وتشجيعهم على تنفيذ التغيير المستهدف.