أيمن نصرى:”الوضع الحقوقى الدولى يعيش أزمة كبيرة”
كتب: أمير مجلي
فى حوار خاص لمجلة (الوطنية الاقتصادية ) مع أيمن نصرى رئيس المنتدى العربى الاوروبى لحقوق الانسان بجنيف إليكم نص الحوار:
ما هو دور المنتدى العربى الاوروبى لحقوق الانسان بجنيف؟
-المنتدي مقره جنيف منذ تأسيسه عام ٢٠١٠، ويعمل طبقا للمادة رقم ٦٠ من القانون المدني السويسري الذي ينظم عمل منظمات المجتمع المدني، وهو حاصل على الصفة الاستشارية من المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة وهو الأمر الذي يسمح بالعمل تحت مظلة الأمم المتحدة من خلال التعاون في مجال حقوق الإنسان والحوار والتنمية، وذلك من خلال البرامج والهيئات التابعة للهيئة الأممية؛ كالمفوضية السامية لحقوق الإنسان والمجلس الدولي لحقوق الإنسان ومنظمة العمل الدولية والمفوضية العليا لشئون اللاجئين وغيرها من المنظمات الدولية.
ودور المنتدى هو متابعة أوضاع حقوق الإنسان في دول المنطقة خاصة دول الصراع المسلح، ورصد التجاوزات والسلبيات طبقا للضوابط الدولية وتقديمها للمجتمع الدولي من خلال الآليات المتاحة لدينا كمنظمة دولية تعمل مع الأمم المتحدة دون أي وجهة نظر سياسية مع تقديم الدعم الفني والتدريب في مجال التنمية المستدامة للشباب والمرأة .
كما يسلط المنتدي الضوء على بعض النماذج الايجابية في دول المنطقة وينقل هذه التجربة للمجتمع الدولي وهي الدول التي استطاعت أن ترسخ فكرة حقوق الإنسان على الأرض من خلال تفعيل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة وتمكين المرأة اقتصاديا وسياسيا.
ما رأيكم فى موضوع سد إثيوبيا؟ وما تصوراتكم لذلك؟
-سد النهضة هو موضوع الساعة ويحظى ليس فقط باهتمام مصر والسودان كدولتين متضررتين بل يحظى أيضا باهتمام المجتمع الدولي لخطورة الملف ولقيمة ودور مصر الريادي في المنطقة
وسد النهضة هو خير دليل على التحول الخطير في نوعية الحروب بين الدول والتي تحولت في أخر ١٠ سنوات من المواجهات العسكرية التقليدية إلي الحروب على المياه نتيجة لشح مصادر المياه وأيضا استخدامها كورقة ضغط سياسي وأداة سياسية بسبب الخلافات بين الدول وهو الأمر الذي يزيد من حساسية التعامل مع هذا الملف.
أما التعامل المصري مع هذه الأزمة فهو الأول من نوعه وله شقين الأول سياسي والثاني حقوقي، استخدمت فيه الدولة المصرية كل الأدوات الدبلوماسية المتاحة لديها بهدف تجنب الدخول في مواجهة عسكرية وهو ما تحرص عليه الإدارة السياسية منذ ثورة ٣٠ يونيو، واستطاعت مصر من خلال سياسة النفس الطويل وضبط النفس أن تكسب تعاطف المجتمع الدولي واستطاعت التأكيد على أحقية مصر في حصتها المائية التاريخية.
وعلى المستوي الحقوقي حرمان مصر من حصتها في مياه نهر النيل يعتبر انتهاك خطير للمواثيق والعهود الدولية التي تحمي الموارد المائية للدول وعلى رأسها مبدأ «الحقوق التاريخية» وهو من المبادئ المستقرة فى القانون الدولى، حيث أكدت عليه على سبيل المثال كل من قواعد هلسنكى 1966 فى مادتها الخامسة، وكذلك اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997 فى مادتها السادسة، وأيضا قواعد برلين 2004 فى مادتها الثالثة عشرة، كما جرى القضاء الدولى والقضاء فى الدول الاتحادية على الأخذ به، سواء فيما يتعلق باكتساب الإقليم والسيادة عليه (فى البر والبحر)، أو فيما يتعلق بحقوق الاستخدام والاستغلال، ما دامت قد توافرت فيه شروط الظهور وطول المدة وعدم اعتراض ذوى المصلحة.
وقد استطاعت الدولة المصرية تقديم ملف حقوق مصر المائية بشكل جيد إلي الدول الأعضاء ٤٧ بالمجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة باعتباره يندرج تحت المبدأ الحقوقي الحق في الحياة، وقد حصلت مصر على الدعم الكامل في حماية حقوق مصر المائية وحصتها في مياه نهر النيل.
وعلى المستوي السياسي أظهرت تحركات مصر الدبلوماسية المكثفة في اخر ٣ سنوات للمجتمع الدولي مدي التعنت الأثيوبي في المفاوضات والمماطلة بهدف الوصول إلي مرحلة الملئ الثاني، وهو الأمر الذي تعاملت معه الدولة المصرية باحترافية واتبعت فيه سياسية ضبط النفس وهو الأمر الذي وضع الدولة المصرية في موقف قوي، وأظهر بما لا يدع مجالا للشك أن هناك بعض الدول التي تقف وراء الموقف الاثيوبي المتعنت وتستخدم ملف الحقوق المائية كورقة ضغط سياسي، وهو ما يجعل الأمر وكأنه حرب بالوكالة يمارسها النظام الأثيوبي.
ووجهة نظري أن الأزمة سوف تنتهي بإتفاق ملزم للجانب الأثيوبي يقضي بحماية حقوق مصر والسودان المائية دون الحاجة لحصول موجهات عسكرية يكون الخاسر الأكبر فيها هو الجانب الأثيوبي .
كما أن المرحلة الحالية هي مرحلة شد وجذب نتيجة لصعوبة المفاوضات لتعلقها بملف شديد التعقيد، ويرغب كل طرف في الحصول على أكبر استفادة قبل توقيع الإتفاق، ويوظف كل طرف فيها الأدوات المتاحة لديه سواء كان سياسا أو إعلاميا من أجل الضغط، وسوف ينتهي الأمر بإتفاق ملزم يحمي حقوق مصر والسودان المائية ويعطي الحق للنظام الأثيوبي في زيادة الرقعة الزراعية وتحقيق التنمية والرخاء للشعب الأثيوبي.
كيف ترى الوضع الحقوقى الآن فى العالم؟
-الوضع الحقوقي الدولي يعيش أزمة كبيرة نتيجة للارتباط الوثيق بين العمل الحقوقي والسياسة وهو الأمر الذي أدي إلي تسييس واضح لملف حقوق الإنسان من خلال بعض المنظمات الدولية التي تحمل صبغة سياسية، وأصبحت أداة وورقة ضغط في أيد بعض الدول تستخدمها لحل الخلافات السياسية، وأيضا حماية مصالحها السياسية والاقتصادية وهو الأمر الذي ينطبق على كيفية التعامل مع أوضاع حقوق الإنسان في بعض دول المنطقة وعلى رأسها مصر .
والملف الحقوقي أصبح مرتبط أرتباط وثيق بالتغيرات السياسية الدولية الكبيرة وهذه التغيرات تحدد بشكل كبير المشهد الحقوقي في بعض الدول، وعلى رأس هذه التغيرات الانتخابات الأمريكية الأخيرة والذي أعقبها تحول كبير في كيفية التعامل الحقوقي في عدد من دول المنطقة أصحبه هجوم حقوقي كبير يحمل صبغة سياسية واضحة.