مؤشر البنك الدولى لأسعار الغذاء العالمى يقفز %80
كتب \مروان محمد ماجد
قفز مؤشر البنك الدولى لأسعار الغذاء العالمى مسجلا مستوىً قياسيا خلال الشهرين الماضيين، بصعوده بحوالى %80 مقارنة مع شهرى أبريل ومارس من عام 2019 -قبل ظهور وباء كوفيد 19- وزاد بأكثر من %15 على شهرى يناير من العام الجارى وديسمبر 2021.
ويتوقع المحللون فى البنك الدولى ارتفاع أسعار الغذاء بأكثر من %20 خلال العام الجارى، بسبب الحرب الروسية والعقوبات القاسية التى فرضتها الولايات المتحدة والمجتمع الدولى على موسكو، علاوة على ارتفاع الطلب وتفاقم الاضطرابات التى تعوق سلاسل الإمدادات الناجمة عن قيود الوباء والتى بدأت منذ منتصف عام 2020.
وذكرت وكالة رويترز أن المعروض من القمح العالمى من المتوقع أن ينخفض بما يزيد على %1.5 العام القادم للسنة الثانية على التوالى نتيجة نقص المحاصيل فى أوكرانيا والأرجنتين وأستراليا، وكذلك المعروض من الذرة الذى سيهبط أيضا فى أوكرانيا والولايات المتحدة، بينما حظرت الهند وإندونيسيا تصدير القمح وزيت النخيل على الترتيب بسبب التضخم فى أسعار المنتجات الغذائية ونقص المعروض من روسيا وأوكرانيا.
تحذير دافوس
حذر قادة العالم من السياسيين وخبراء الاقتصاد ومديرى كبرى الشركات أثناء المنتدى الاقتصادى العالمى الذى انعقد مؤخرا فى دافوس السويسرية لأول مرة منذ ظهور وباء كورونا فى بداية عام 2020، من أن تفاقم أزمة الغذاء سيؤدى إلى تزايد تدابير الحمائية بين الدول مما يعقد المشكلة أكثر وأكثر ولذلك طالبوا بعقد مفاوضات عاجلة لتجنب حرب تجارية واسعة النطاق.
أعلن المعهد الدولى لسياسة الغذاء IFPI أن الحرب الروسية فى أوكرانيا سببت صدمة هائلة فى أسواق الغذاء العالمية لاسيما القمح وزيوت الطعام ووضعت مؤخرا أكثر من 20 دولة قيودا على تصدير المواد الغذائية والأسمدة للحد من تزايد أسعار المنتجات الغذائية على المستوى المحلى فى هذه الدول وخصوصا فى أفريقيا وآسيا حيث ينفق السكان أكثر من %40 من دخولهم على الغذاء كما أن استمرار إغلاق الموانئ مع اقتراب موسم حصاد المحاصيل الغذائية فى يوليو المقبل فى أوكرانيا يعنى إعلان حرب على المعروض من الغذاء العالمى.
ارتفاع 4 مرات
وأكد دافيد بيسلى، المدير التنفيذى لبرنامج الغذاء العالمى التابع لمنظمة الأمم المتحدة، أن العالم يشهد أزمة غذاء غير عادية حتى قبل غزو روسيا لجارتها أوكرانيا مع ارتفاع تكاليف الطعام والمواد الخام وتكاليف الشحن التى تضاعفت خلال عامى كورونا وحتى الآن حوالى 4 مرات، مما جعل عدد الأفراد الذين يتجهون للوقوع فى هاوية المجاعة يقفز من 80 مليون نسمة منذ 4 أو 5 سنوات إلى ما يزيد على 276 مليون نسمة حاليا.
وكانت وكالة الأغذية والزراعة الفاو – FAO – التابعة لمنظمة الأمم المتحدة قد أعلنت أن حصار القوات الروسية للحدود الأوكرانية من أهم العوامل وراء ارتفاع أسعار المواد الغذائية، لأنها جعلت حكومة أوكرانيا عاجزة عن تصدير 25 مليون طن من شحنات القمح بسبب غزو روسيا للبلاد وتدميرها لمرافق البنية التحتية وإغلاق موانئ البحر الأسود، بما فى ذلك ماريوبول ما أدى إلى توقف حركة الشحن تقريبا من أوكرانيا إلى دول العالم، لاسيما البلاد المستوردة فى منطقة الشرق الأوسط، ما أدى لارتفاع أسعار المحاصيل الزراعية، خصوصًا القمح والذرة والشعير والبذور الزيتية.
انهيار صادرات أوكرانيا
وأعلنت أوكرانيا -رابع أكبر مصدر للذرة فى العالم فى موسم 2020 – 2021 وسادس أكبر مصدر للقمح- أن صادراتها هبطت بأكثر من %50 بمارس مقارنة بالشهر نفسه فى 2021، بسبب الغزو الروسى، كما اتهم تاراس فايسوتسكى نائب وزير الزراعة الأوكرانى القوات الروسية بسرقة مئات الآلاف من الأطنان من الحبوب المخزنة فى الأراضى التى تقع تحت سيطرة روسيا فى المناطق التى تحتلها فى أوكرانيا غير أن ديمترى بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، نفى المزاعم التى تتهم روسيا بسرقة الحبوب الأوكرانية لأنها من أكبر الدول المصدرة للحبوب الغذائية.
وهبطت صادرات أوكرانيا بأكثر من %50 فى مارس الماضى، مقارنة بنفس الشهر من العام الثانى للوباء، بسبب الحرب مع روسيا، حيث أكد فايسوتسكى فى حديث للتلفزيون الوطنى الأوكرانى عن قلقه من سرقة القوات الروسية 1.5 مليون طن من الحبوب المخزنة فى الأراضى التى تقع تحت سيطرة روسيا، كما اتهمت وزارة الخارجية الأوكرانية روسيا يوم الخميس بسرقة الحبوب فى الأراضى التى تحتلها، فى تصرف قالت إنه يزيد تهديد الأمن الغذائى العالمى.
وانخفضت أسعار تصدير الذرة الأوكرانية بسبب الطلب المحدود والمخزونات الكبيرة التى لا يمكن تصديرها إلا عن طريق السكك الحديدية عبر الحدود الغربية لأوكرانيا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.
وكانت أوكرانيا- أحد أكبر موردى الحبوب فى العالم- تشحن عادة معظم سلعها الزراعية عبر موانئ البحر الأسود، ولكن مع اندلاع الحرب على امتداد سواحلها اتجه التجار لنقل المزيد من الحبوب عن طريق السكك الحديدية.
تراكم مخزون الحبوب
وبلغ مخزون الذرة فى أوكرانيا نحو 13 مليون طن فى نهاية مارس، مع تصدير 300 ألف طن فقط من الحبوب خلال ذلك الشهر رغم أنها يمكنها أن تصدر مليونى طن من القمح فيما تبقى من الموسم الحالى والذى يستمر حتى نهاية يونيو الجارى.
بينما أوضح وزير الزراعة الروسى دميترى باتروشيف فى مؤتمر الجمعة الماضية أن روسيا قد تبدأ فى بناء المزيد من السفن لتصدير الحبوب حيث تتنافس روسيا مع الاتحاد الأوروبى وأوكرانيا لتوريد القمح للعديد من الدول فى الشرق الأوسط وأفريقيا وتواصل موسكو التصدير على الرغم من الصعوبات المتعلقة بالخدمات اللوجستية والمدفوعات الناجمة عن العقوبات الغربية عليها لغزوها أوكرانيا ولكن موسكو تسميها “عملية عسكرية خاصة”.
وأدى نقص الإنتاج وصعوبات التصدير الحالية لأوكرانيا وروسيا بسبب الحرب الجارية بينهما بالإضافة إلى عقوبات الحكومات الغربية على روسيا إلى ارتفاع أسعار القمح لمستويات قياسية منذ بداية شهر مارس الماضى، خصوصا أن أوكرانيا وروسيا تصدران حوالى %30 من القمح العالمى، وشملت صادرات أوكرانيا خلال أبريل الماضى 115 ألف طن من القمح، و622 ألف طن من الذرة، و25 ألف طن من الشعير.
ومن المتوقع تراجع صادرات أوكرانيا من الذرة إلى 17 مليون طن فى 2021 / 2022 انخفاضا من 23.1 مليون فى العام السابق بما يعكس أثر الحرب الروسية الأوكرانية وقد تهبط صادرات زيت دوار الشمس فى نفس الفترة إلى 3.4 مليون طن مقارنة مع 5.3 مليون طن.
تحذير بوتين
وحذر الرئيس الروسى بوتين من أن ارتفاع أسعار الطاقة مصحوبًا بنقص فى الأسمدة الزراعية سيدفعان الغرب إلى طبع النقود لشراء إمدادات، مما يؤدى إلى نقص فى الغذاء بين الدول الأكثر فقرًا، وأن ذلك سيجعل أزمة نقص الغذاء تتفاقم فى المناطق الأكثر فقرًا فى العالم، وستظهر موجات جديدة من الهجرة وتزايد أسعار الغذاء أكثر وأكثر، علاوة على أنه بدون الأسمدة لن يكون هناك محصول وسيزداد الجوع العالمى بسرعة حيث أدت العقوبات الغربية على روسيا وروسيا البيضاء منذ بداية الحرب فى 24 فبراير لتعطيل شحنات أسمدة البوتاس.
ولكن الهند التى تُعد ثانى أكبر الدول المنتجة للقمح فى العالم تتوقع إنتاجا قياسيا هذا العام، مع تحقيقها محاصيل قياسية على مدار السنوات الخمس الماضية لتسجل صادرات الهند قفزة قياسية فى القمح خلال أبريل الماضى لتبلغ 1.4 مليون طن، مما خفف بعض الضغط فى أسواق الحبوب مع تدافع المشترين بحثًا عن بدائل لإمدادات البحر الأسود التى تضررت بشدة من الحرب فى أوكرانيا.