بالعلم والعمل قدر الرزق والأعمار ،،
كتب محمد صلاح
قضية هامة لابد أن نذَكِّر بها ونتذكرها لأن الكثيرين منا لما غفلوا عنها أو جهلوها أو تناسوها ظنوا أنهم خلقوا في هذه الحياة ليلهثوا وراء أرزاقهم ويجمعوا حطام الحياة فحملهم هذا على التنافس المقيت على نيل مطامع الدنيا واشتد ولعهم بزينتها ومفاتنها واشتد حرصهم على جمع حطامها وكأنهم يهربون من فقر يدفعون إليه دفعا حتى بلغ الحرص بالبعض أنه يتمنى أن يأخذ ما في يد الآخرين من زخرف الدنيا بل يسعى في انتزاعه منهم ولو بغير حق ولو من طريق الحرام وما زال حب المال والتكاثر في جمعه يطغى على القلوب حتى أصبح المال إلها يعبد ومعبودا يقصد وما زال الناس يلهثون وراء جمع المال والحطام حتى وقع أكثرهم في عين ما حذرهم الله منه في سورة التكاثر وحتى وقعوا فيما خاف عليهم وَاللَّهِ ما الفَقْرَ أخْشَى علَيْكُم
حين نستعرض قضية الرزق والسعي في تحصيله لابد وأن نتذكر أمورًا غاية في الأهمية إن كُره الفقر وحبَّ الغنى أمران فطريان والشرائع لا تقف في وجه الفطرة أبدا ولكنها في ذات الوقت تحث على الاعتدال والتوازن في كل شيء لأن الفقر كاد أن يكون كفرا فنستعيذ من الكفر والفقر ولكن الشرائع في ذات الوقت تنهى عن الركض الأعمى وراء المال وطلب الغنى وأن تصبح الدنيا هي المنية والسعي في تحصيلها هو الغاية فينشغل بما ضمنه الله له عما خلقه ومن كان هذا حاله أفسد دنياه وأخرته الله تعالى قد تكفل بأرزاق الخلائق وضمنها لهم فالرزق يطلب العبد أكثر مما يطلبه العبد وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ
وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا
الرزق مضمون والسعي مطلوب فليس معنى أن الرزق مضمون ألا يسعى الإنسان في تحصيله وأن ينام في بيته منتظرا أن يأتيه هذا فهم بليد وعقل غير متزن رشيد و جاهل بالعلم والعمل والرزق
وإن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة
فالمطلوب السعي وحسن التوكل لو أنكم تتوكلون على الله حقَّ توكُّله لرزقكم كما يرزق الطيرَ تغدوا خماصًا وتروح بطانًا فعلى الإنسان السعي في الطلب والأخذ بالسبب والتعلق بالمسبب فالسعادة ليست في المال فقط إنما المال سبب ضمن مجموعة من الأسباب فكم من غني يملك من المال ما لا يعد والدنيا كلها في يديه وهو من أتعس الناس إما لبخله فهو بخيل شحيح فقير في صورة غني يتمنى كل من حوله وفاته وإما لمرضه فهو ممنوع من أكل أكثر الأصناف محروم من فعل كثير من الأشياء فلا تحسدن أحدا على رزق وهبه الله إياه فإنك لا تدري ما منعه مقابل ذلك ثم قد يكون الفقر نعمة والغنى نقمة خصوصا في أمر الآخرة فقليل يكفيك خير من غنى يطغيك فإياك أن يحملك استبطاء الرزق أو قلته على أن تطلبه بالحرام فتسلك مسالك الحرام في تحصيله فتفسد دنياك وأخراك وإياك والسحت كل مال اكتسب من حرام وكسب الحرام وبال على الفرد حينما يكسبه من ربا أو رشوة أو ظلم أو غش أو أكل لأموال الناس بالباطل والمال الحرام خبيث الأصول ممحوق البركة وإن أنفقه صاحبه في بر لم يقبل وإن بذله في نفع لم يشكر بل هو شؤم على صاحبه وضرر على جامعه في كل حال
نسأل الله تعالى العلم والعمل والجد والجهد لرفعة وطننا وبلدنا🇪🇬 وانفسنا وأن يرزقنا رزقا حلالا طيبا ويبارك لنا فيه