مستقبل صناعة النفط والغاز في ظل الذكاء الاصطناعي شركات عالمية بدأت في أنشطة الاستكشاف والحفر
بقلم / سوسو محمد
أظهر الذكاء الاصطناعي كفاءة كبيرة في تحليل البيانات المتعلقة بالرواسب النفطية والغازية
لم يعد مصطلح الذكاء الاصطناعي أمراً مرتبطاً بإدخال الروبوت والأتمتة في الصناعات وحسب، وإنما هو أمر أعمق وأوسع من ذلك. فعديد من الدول والشركات حول العالم تدرك أهمية الذكاء الاصطناعي في خلق فرص جديدة وتحسين الخدمات إضافة إلى خفض التكاليف وزيادة الاستثمارات.
وفي العقد الأخير ازداد استخدام الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته من قبل شركات النفط والغاز خصوصاً في ما يتعلق بأنشطة الاستكشاف والحفر. فمن جمع البيانات، وتحليلها مروراً بمرحلة التنقيب والاستخراج إلى مرحلة الإنتاج والتسويق والتكرير والصيانة وغيرها من المراحل التي تشكل جزءاً مهماً من هذه الصناعة.
وقد أظهر الذكاء الاصطناعي كفاءة كبيرة في تحليل البيانات المتعلقة بالرواسب النفطية والغازية وذلك عبر تطوير خوارزميات تركز جهود فرق الاستكشاف، وتحسن من عمليات الاستخراج مع تقليل التأثيرات البيئية.
وفي مجال استخراج الغاز أسهم الذكاء الاصطناعي من خلال تقنيات التحليل الضوئي والاستشعار عن بعد بواسطة الطائرات المسيرة في تحسين عمليات الاستخراج من الآبار وزيادة كفاءة العمليات.
حلول ذكية لمشكلات كبيرة
وتعد زيادة مستويات الإنتاج مع الحفاظ على الكفاءة العالية أحد أهم التحديات التي تواجه شركات الطاقة، لذا يتم اعتماد الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات بسرعة، ودقة تزيد من ربحيتها وتساعدها في اتخاذ قرارات تشغيلية أفضل.
وتعتبر مسألة تسرب أو انسداد الأنابيب إحدى المشكلات المهمة في صناعة النفط والغاز، فهي تتسبب بأضرار كبيرة ومكلفة، ومشكلات تتعلق بالسلامة والبيئة، لذا لجأت عديد من شركات الطاقة اليوم إلى الذكاء الاصطناعي لمراقبة الأنابيب وتحديد المشكلات، والتنبؤ بموعد حدوثها أو المدة التي يستغرقها خط أنابيب معين حتى يحتاج إلى الاستبدال أو الإصلاح.
ويتم استخدام الروبوتات التي تحمل أجهزة استشعار وكاميرات حرارية وميكروفونات في عمليات التفتيش ومراقبة الضغط والصمامات وأجهزة القياس، والكشف عن الأسطح الساخنة.
وبعكس العنصر البشري يمكن لتلك الروبوتات أن تعمل في ظروف الطقس القاسية، بما في ذلك البرد القارس والحرارة والأمطار الغزيرة والرياح الشديدة ويتم العمل على تطويرها لتتخذ قرارات ذاتية في الأوضاع الصعبة.
ومع التوقعات بارتفاع الإنتاج النفطي من الحقول في أعماق البحار إلى 28 في المئة من الإنتاج العالمي للنفط والغاز المكثف بحلول عام 2025، فإن دور الذكاء الاصطناعي يزداد أهمية في المناطق الخطرة، التي تتطلب الغوص لأعماق كبيرة تصل في بعض الأحيان إلى خمسة آلاف قدم.
أما في ما يتعلق بالمنصات العائمة فيتم استخدام الطائرات المسيرة المزودة بالكاميرات الحرارية، والليزر للتفتيش الدقيق للأنابيب والمنصات، ما يقلل من تكاليف الصيانة وزمن التوقف عن الإنتاج.
تمت الاستعاضة عن العمال المتخصصين بتسلق وفحص منصات النفط ومداخنها بطائرات مسيرة وروبوتات مزودة بكاميرات عالية الدقة والوضوح يمكنها التصوير الثلاثي الأبعاد ما يوفر فحصاً أدق بسرعة أكبر ومخاطر وتكلفة أقل من الجهد البشري.
وتوفر هذه التقنية قرابة أربعة ملايين دولار للشركات النفطية إضافة لاختصار العمل من ثمانية أسابيع إلى يوم واحد فقط. الأمر الذي قلل من حدوث المخاطر وخفض تكاليف التفتيش بنسبة تصل إلى 80 في المئة.
ويساعد الذكاء الاصطناعي في تحليل التركيب الكيماوي لأنواع النفط الخام وكثافتها ولزوجتها لتطوير نماذج تتنبأ بكيفية تفاعل الزيوت مع بعضها، ومع المعدات أثناء عمليات التكرير ما يحقق أقصى قدر من الدقة والكفاءة ويقلص من الأثر السلبي على البيئة من خلال تقليل النفايات الناجمة عن ذلك.
وتؤثر الظروف الجوية وعوامل المناخ على كفاءة عمل البنى التحتية لنقل النفط والغاز بكفاءة لذا يتم الاستفادة أيضاً من ثورة الذكاء الاصطناعي في تحسين جداول الشحن وتوجيه الناقلات وتقليل الكلفة.
ولتقليل المخاطر وآثارها السلبية على الصحة والبيئة والاقتصاد يتم استخدام خوارزميات التعلم الآلي في تحديد المشكلات واكتشاف الاتجاهات التي قد تشير إلى خطر محتمل ومنع حدوثه قبل وقوعه ما يدعم إدارة ذكية للأزمات.
الذكاء الاصطناعي وأسواق الطاقة
وفي الوقت الذي يعتقد فيه البعض أن الذكاء الاصطناعي سيزيد من حجم المعروض من النفط، والغاز في الأسواق العالمية إلا أن تطوير هذه التقنيات يلعب دوراً مهماً في تحسين استدامة صناعة النفط والغاز من خلال تقليل الانبعاثات البيئية وتلبية الانتقال إلى مصادر الطاقة المستدامة.
ومع تطور الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته تبرز عدد من التحديات التي تقف عائقاً أمام تحقيق أقصى عائد من هذه التكنولوجيا.
فالبعض يرى فيها تهديداً لمستقبل ملايين العمال المهرة في هذه الصناعة. إلا أن الرافضين لهذا الرأي يرون أن الذكاء الاصطناعي قد خلق سوقاً جديدة وفرصاً تحتاج إلى الاستفادة منها والتدرب لاكتساب المهارات
وهناك من الحلول الرقمية للذكاء الاصطناعي في مراقبة سلاسل الإمداد حيث يتم تتبع جميع شحنات الشركة حول العالم منذ خروجها من المورد وصولاً إلى المستهلك، وهو ما أسهم في تقليل الأعطال وخفض الانبعاثات الكربونية الناجمة
التوصُّل في السنوات القليلة السابقة إلى عدَّة اختراعات مهمة طوَّرت من مجالات عديدة، أهمُّها خمسة يتمُّ استخدامها الآن في مجال السلامة والصحة المهنية؛ منها: (الدرونات – التعليم المتطور – استخدام الإنترنت وتحديد المواقع – تطوير مهمات الوقاية الشخصية والأجهزة التي تستخدم في الاختبارات – واستخدام الروبوتات)
ما الفائدة العظيمة من ذلك؟
سابقًا، كان عامل التفتيش في مواقع البترول يقوم بالدخول إلى الأماكن الخطرة للمراقبة، وكان يتعرَّض إلى إصابات وأضرار صحية، ولذا تمَّ اختراع تطبيقات متعددة تحمي الإنسان، وتُمِدُّه بالمعلومات؛ لكي يقوم بالتدخُّل قبل وقع الكوارث.
استخدام الدرونات:
تمَّ إدخال هذا التطبيق في مجال البترول بعد تجهيزه بكاميرات فائقة الدقَّة، وحسَّاسات حرارية وليزرية، وفوق صوتية، وبذلك تُقدِّم صورة شاملة وواضحة ودقيقة وتفصيلية عن مواقع البترول الخطرة التي لا يستطيع الإنسان الدخول إليها؛ مثل: أبراج الفلير، والأماكن شديدة الحرارة، أو التي بها غازات سامة، أو شديدة الضرر بالإنسان، والأماكن المغلقة.
التعليم الميدانـي المتطور:
يعتبر التعليم المتطور بنقل ما يحدث في جميع مواقع العمل بالدرونات ابتداءً من الاستكشاف، إلى الحفر والإنتاج، إلى الخدمات اللوجستية والصيانة، وقد دلَّت الإحصائيات أنه كُلَّما كان التدريب متقنًا، كانت الحوادث أقل.
IOT+ GPS
حيث إنَّ مواقع البترول في الغالب تكون في الأماكن البعيدة الخارجة عن حيِّز العمران؛ سواء في البحر، أو الصحراء؛ لذا تمَّ ابتكار أسلوب نقل المعلومات، وتحديد المواقع بصورةٍ مستمرةٍ، وأدَّى هذا التطور المذهل في دمج الأجهزة التي يمكن ارتداؤها، والحسَّاسات المتعددة في المواقع النائية إلى سيطرة إدارة السلامة بالمحافظة على سلامة الأفراد في الأماكن البعيدة، ومعرفة حالتهم الصحية عن طريق -مثلًا- نقل صورة صحية لهم؛ مثل: ضغط الدم بالساعات الرقمية التي يرتدونها، كما أنَّ نَقْل المعلومات بشكلٍ عامٍّ، وتحديد المواقع، يُمكِّن الإدارة من التصرُّف بشكل ناجح لمنع الحوادث.
مهمات وقاية أكثر تطورًا وتحمُّلًا، وأجهزة اختبارات فائقة القدرة:
مثلًا: يتمُّ استخدام مهمات وقاية أكثر حمايةً للأفراد؛ مثل: (جوانتي) يتغيَّر لونه بمجرَّد لمس مواد كيميائية خطرة أو سامة، و(بذلات) تقي الإنسان درجات الحرارة والغازات الضارة؛ مثل: أجهزة كشف الهيدروجين سلفايد لتنبيه العامل للإخلاء قبل تطوُّر الضرر الذي قد يصل إلى الموت.
استخدام الروبوتات في قطاع البترول
لا شكَّ أن قطاعات البترول والغاز تعتبر من المجالات الأكثر خطورةً في العالم؛ سواء في المنصَّات البحرية، أو في الصحراء؛ لذا من أجل سلامة العاملين يتمُّ استخدام روبوت لا يعبأ بالغازات السامة، أو الحرارة المرتفعة، أو الضغوط العالية، ويمكنه الدُّخول في الأماكن المغلقة، وليس هذا وحَسْب، بل يمكنه تنفيذ مهام بدقةٍ وبصورةٍ مستمرةٍ روتينيةٍ.
لقد توصَّل الإنسان إلى اختراعاتٍ تُمكِّنه من العمل بأمانٍ؛ منها: الدرون الروبوت في الأماكن الخطرة، وأيضًا تُحقِّق له الحصول على معلوماتٍ في غاية الأهمية والوضوح والدقة على مدار الساعة؛ لكي يستخدمها في التدخُّل السريع من أجل مَنْع تدهور حالة المُعدَّات، أو تدهور حالة عاملٍ في مكانٍ بعيدٍ؛ ممَّا يؤدي في النهاية إلى النجاح في إدارة السلامة والصحة المهنية، ومنع الكوارث، ولا يزال عقل الإنسان في سباقٍ مع الزمن لضمان مستوياتٍ أفضل من الأمن والسلامة في العمل